الرئيسية | | من وحي الذكرى | مواقف من الطف : العباس بن علي بن أبي طالب (عليه وعلى ابائه السلام)

مواقف من الطف : العباس بن علي بن أبي طالب (عليه وعلى ابائه السلام)

عدد القراءات : 11637

ان العباس عليه السلام حين ذهب ليملأ القربة بالماء، وحارب اعداءه إلى أن وصل إلى ضفة النهر، قالوا : ثم اغترف غرفة من الماء وادناها من فمه ليشرب ثم رمى بها من يده وقال :

 

يا نفس من بعد الحسين هوني       وبعده لا كنت أن تكوني

 هــــــــذا الحسين وارد المنون        وتشربين بـــــارد المعين

تا لله ما هذا فعال ديني )

 

 فقد يخطر في البال السؤال عما اذا كان الأولى بالعباس عليه السلام شرب الماء للتقوّي على الاعداء ، ومن ثم نصرة الحسين عليه السلام،  ، ومن ثم نصرة الدين اساسا؟

 

إلا أنه ينبغي ان يكون الجواب واضحاً، بعد كل الذي سبق أن عرفناه وذلك على عدة مستويات، نذكر منها:

 

المستوى الأول : أنه لم يكن يوجد اي سبب في ذلك الحين مما يؤدي إلى نجاة الحسين عليه السلام من القتل فحتى لو شرب العباس الماء بالمقدار الذي يحتاجه جسمه أو اكثر ، وتشجع وقاتل أكثر مما قاتل، فإنه لم يكن بالممكن أن ينجو هو ولا أخوه الحسين عليه السلام من القتل، بل السبب لقتلهم موجود ومتحكم لا محالة.

 

المستوى الثاني : أنه وجد من الخيانة لأخيه وذويه ان يكون ريّاناً بالماء وهم عطاشا ، وهذا ما يصرح به التاريخ(314) . وقد نطق به الشعر الذي نقلناه عنه بصراحة. وهو أدب اسلامي عالي أمام الله سبحانه . ومن هنا قال : ((تا لله ما هذا فعال ديني)).

 

 

المستوى الثالث : أنه شعر بتكليف في ذلك الحين بوجوب الأعراض عن شرب الماء وأطاع تكليفه ذاك. وهذا الشعور يكون بأحد أساليب : اما بالإلهام او بالرواية عن رسول الله (ص)  أوعن فاطمة الزهراء عليها السلام، كما نقل عن بعض الروايات.

 

المستوى الرابع : أنه عليه السلام أراد ان يموت عطشاناً عمداً، أمام الله سبحانه ، لأن ذلك أكثر اجراً واعلى مقاماً . ومن هذا القبيل ما روي عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام: أنه دعاه أخوه في بعض الايام في منزله على مأدبة ، فأكل ثلاث لقم فقط ثم سحب يده فقال له (هلاّ اكلت يا امير المؤمنين) فقال : (ان هي إلا ثلاث وأريد ان القى ربي خميصاً)).

 

إذن فكما أن أمير المؤمنين يريد أن يلقى الله جوعاناً فكذلك أبنه العباس يريد أن يلقى الله عطشاناً.

 

وينبغي أن نلتفت إن المستوى الأول هو الأهم فقهياً. وهو الذي فتح الباب للعباس عليه السلام إلى احد المستويات الثلاثة الأخرى لوضوح إن شرب الماء لو كان سبباً للنجاة كان واجباً، ولا تقوم أمامه المستويات الأخرى اطلاقاً.

إلا انا عرفنا إنه لا يحتمل في ذلك.

 

 

 

 

 

المزيد في من وحي الذكرى
قمرٌ في ظلمة الطف، طاف نوره قبل الأوان، بازغ حتى في عرجونه، وفيٌّ في زمن الغدر والخذلان، يشع نوراً من هدى الإمامة، ويدور شوقاً في
المكتب الخاص / النجف الاشرف يمر الزمن وتمضي القرون والعقود ، وتنكث البيعة هنا وهناك تنقض العهود ، وغدرة الحقد بسوط السموم، واخرى ببغض الضربة عند
المكتب الخاص / النجف الاشرف دنا القضاء واقترب القدر، وتلوح في الافق ظلامة، ، تنبع من أقاصي الجاهلية ، ومن كهوف الكفر، وغيوم السواد عادت لتغطي
المكتب الخاص / النجف الاشرف بين الصمت والصخب ، شوق في حشاشة القلب يتأجج ، وعيون الصبر معتبرة ، وفي رمضاء اليأس مع الاحلام نتوسد ،
المكتب الخاص / النجف الاشرف من شعبان المودة، فاحت نسائم الانتظار، وتفتحت أزاهير الصبر، لتملأ الوجود عبقا، ليلة غمرتها السعادة، وطافت بأمواجها الافراح، ليلة كالبحر، يجري
المكتب الخاص / النجف الاشرف عطشت الحياة لكوثر ، فراحت تغدو بلهفة ، على الوديان ، تجر بحافرها اليأس ، فلا وصال يرتجى ، ولا حِسان