لقد انجرف الكثيرون خلف المغريات الدنيوية لا سيما بعد الانفتاح الكبير لها في عراقنا الحبيب بعد دخول الاحتلال الى اراضينا المقدسة فقد صار الفرد (المؤمن) فضلا عن غيره يعد لدنياه ويبني لها حثيثا وبلا كلل او ملل معللين ذلك بعدة علل ومبررات هم اعلم بها مني فلقد تفرغ الفرد الى كسب الامور الدنيوية، وصار يملئ كل فراغه وفكره وتجذرت في نفسه واحاسيسه ومشاعره وتعشعشت في قلبه بكل ثقة لا يستطيع احد ان يزعزعه عنها، بل بات التنافس الدنيوي واضحا وجليا .
وانني لا اريد نقد كسب لقمة العيش او التوسعة على الاهل والعيال الان، فذلك قد يكون امرا محمودا وراجحا في بعض الاحيان، الا انني اريد انتقاد جعل ذلك هو الهدف الاول بل الاول والاخر ولا هدف قبله ولا حتى بعده فقد جبل الكثيرون على السعي وراء المغانم الدنيوية بكل جوارحهم وبلا رادع، بل هم مستعدون لترك اخرتهم واهلهم واصدقائهم واقربائهم ومتعلقيهم من اجل كسب المال لا لاجل بناء دار او ايواء عوائلهم واطعامهم فحسب بل لاجل مغانم اكثر يكسبها بطرق شرعية او غير شرعية، فترى الفرد يفكر صباحا ومساءا بخصوص مستقبله المالي سواء اكان فقيرا او غنيا، فالاول يتحجج بفقره وحاجته وحاجات متعلقيه والثاني يتحجج بالكمالات الدنيوية باي طريقة كانت وخلال تفكيره بالتجارة والمناصب والكسب العالي المستوى او حتى قليله فانه قد (غفل) عن امور دينه وما عاد يفكر او يسعى لها الا النادر الاندر او دون ذلك فتراه قد ترك قضاء صلاته او صومه بل وحتى ادائها متحججا بادارة اعماله وتجارته او عمله وكسب رزقه... ولا اريد هنا ان اصب جام غضبي وانتقدهم انتقادا لاذعا لا سيما قليل الحال ومتوسطه، لكنني اريد تنبيههم ان تلك الغفلة سوف تتفتق عن خسارة شديدة يوما ما، اما على الصعيد الدنيوي او الاخروي لا سيما اذا لم تفكر باخرتك اثتاء تفكيرك بدنياك، فهل يا ترى تفرغت اثناء سعيك الدنيوي باداء الواجبات فضلا عن المستحبات والطاعات الاخرى العامة منها والخاصة... لكنني على يقين: ان اقترب اجلك سوف تشعر بان كل كسب دنيوي سيزول من بين يديك ويتبخر، وما لم تسعَ اليه من امور اخرتك وددت لو انك حصلت ولو على القليل منه ويا ليته قد زاد وكثر فاسع لاخرتك ولا تترك سعي دنياك، فانك لابد ان تجمع بين الامرين وان تقدم اخرتك على دنياك والا كنت من الغافلين، وكما ورد: اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كأنك تموت غدا... وليكن عملكم بطرق مشروعة وابتعدوا عن الحرام والشبهات هو ازكى لكم واطهر.
اللهم لا تكتبنا من الغافلين او الذين يبنون ما لا يسكنون ويجمعون ما لا يأكلون وياملون ما لا يدركون، بل لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا غاية رغبتنا... اللهم اجعلنا لك راغبين وعن الدنيا راغبين واخرج حبها عنا واملئ قلوبنا بنورك وطاعتك واجعل لساننا بذكرك لهجا وقلوبنا بحبك عامرة ووفقنا لما يرضيك وجنبنا معاصيك