كما قال امير المؤمنين وقائد الغر الميامين علي ابن ابي طالب (روحي له الفداء): (كاد الفقر ان يكون كفرا) بمعنى ان الفقر قد يكون في بعض الحالات مقدمة للكفر لا سيما للذين لا يتحلون بالصبر والعقيدة الصالحة التي تمنعهم عن الزلل والاعتراض على القضاء والقدر، فتهيج عواطفهم بالباطل فيظنون بالله الظنون ويعترضون على عدله وتوزيع رزقه وما الى ذلك
وايضا يمكننا القول انه (كاد البلاء ان يكون إلحادا) بمعنى ان ذلك البلاء الذي يصب على عراقنا الحبيب من توالي الدكتاتوريات وتكرار سيناريو الحروب وانتشار المفخخات وسيطرة الارهاب والاحتلال وتفشي الجهل والفقر والظلم وغيرها من البلاءات يكاد ان يكون السبب الرئيسي لانتشار العقائد الباطلة والافكار المنحرفة والشاذة
واول تلك الامور الشاذة والمنحرفة هو تبني فكرة (الالحاد)
والالحاد: وهو الاتجاه الذي ينفي وجود الاله.. لعدم توفر ادلة (مادية) عليه متحججين بعدم نفع الادلة الاخرى بهذا الصدد، وحسب فهمي فقد اثرت عليهم تلك البلاءات بصورة سلبية بعدما كانوا يتحلون بعقيدة صالحة بعض الشيء ولكنهم بعد اليأس من رفع البلاء ظنوا ان الله لا يستطيع رفع ذلك بل قد ايقن بعضهم بعدم وجود اله ليرفع ذلك
نعم ان هناك عقائد كثيرة في عراقنا الحبيب قد انحرفت عن جادة الصواب قليلا او كثيرا، كما في قضية الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) او كالبعض الذين نسوا ان حبنا لال البيت من حبنا للرسول محمد صلى الله عليه واله وحبهم من اجل طاعة الله اولا واخرا، الا ان (الالحاد) هو الاخطر، وخصوصا بعد الالتفات الى ان ذلك سيجلب البلاء بصورة اكبر واعظم على العراق والعراقيين فانه من الضروري ان يتيقن الجميع (الملحد) و (المؤمن) ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وهذا هو مفهوم (الاستحقاق) فان الله موجود لا كالوجودات وهو القادر على رفع اي بلاء الا انه لن يرفعه مادام ذلك البلاء قد وضع بناءا على استحقاقات الاهية عادلة ومنصفة بصورة دقيقة لا تحتمل الظلم والاجحاف
هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان الله اذا احب عبدا ابتلاه، ليسمع دعائه وتضرعه ومناجاته ويزداد تضرعه وتكثر طاعاته وعباداته، فكذلك اذا احب الله قوما ابتلاهم ولكن ليزداد ايمانهم وطاعتهم وليسمع دعائهم وليكثر خشوعهم وسجودهم وصلاتهم لا ان يلحدوا به او يشركوا به ويظنون بالله الظنون او ينحرفون عن جادة الصواب، فان كل تلك الانحرافات لا تنتج خلاصا من البلاء بل تنتج خضوعا للنفس الامارة بالسوء وازدياد الشهوات والميولات والانحرافات فيكونون سادرين في الغي فيزداد بلائهم بل سيحرمهم الله من رحمته، واما تهربهم من الايمان ليبتعدوا عن البلاء باعتبار ان المؤمن مبتلى فهذا اشتباه عظيم من حيث ان غير المؤمن سيقع باشد من البلاء ولن يكون ذلك ممحصا له ولا ثوابا له على الاطلاق
وخصوصا بعد الالتفات الى ان الرحمة قد لا تنال المشركين والملحدين ممن نالتهم (الرحمة الالهية الخاصة) واطلعوا عليها ولعله استيقنتها انفسهم... والله العالم
لذا وبعد ذلك كله، يجب علينا ان نتحلى ولو بقليل من الانات والصبر، فان نقص الامن وازدياد الفقر والجوع ليمحصنا الله وليعلم الذين صبروا منا وليعلم الذين سيلحدون به او يجزعون، فهلموا للاستغفار ولو قدر المستطاع ولا تتبعوا خطوات الشيطان وتعطون النفس الامارة بالسوء زمامها وتعلقون انفسكم وعقولكم وقلوبكم بالدنيا الزائلة فانها خطيئة كبرى بل تعلقوا بما هو دائم لا بما هو زائل وان تتقوا هو خير لكم ان كنتم تعلمون، واياكم والالحاد فاننا سوف لن ننال (الاسعاد) اعني السعادة في الدارين، وفقنا الله واياكم لمرضاته