قيل في الحكمة: (من استعان بغير الله ذل) ولذا فانني لو اردت ان اطرح سؤالا لك عزيز القارئ فسأوجهه بهذه الصورة: ايهما تختار (العز) ام (الذل) ولن اطرحه بصيغة: هل تستعين بالله ام بغيره وبعد ذلك لا تسألوني لم تعيش الشعوب في مذلة ومهانة، ولا سيما الشعب العراقي الجريح.. فالكثير من تلك الشعوب استعانت بغير الله وجعلته معينا لها، وخصوصا بعد ان حال بينها وبينه جل وعلى حجاب الذنوب والاثام وصار الاعم الاغلب يلجئ في اي شدة الى العبد قبل ان يلجئ الى الله سبحانه وتعالى على الرغم من انه مسبب الاسباب، كالاستعانة ب(المحتل) لتخليص العراق من (الدكتاتور) او من (المواعز) وليس هذا فحسب بل هناك كم هائل من الاستعانة بغير الله، فلقد خلت بيوت الله من الذاكرين واستوحش الليل لندرة المتهجدين وتململ النهار من قلة المستغفرين وتأوه الفجر من قلة القارئين وهكذا فكم من فقير حينما ضاق رزقه رفع يديه الى السماء قبل ان يفكر بالذهاب الى الاغنياء وذوي السلطة لاعطاءه مال او منصب، وكم من سجين في غياهب السجن اختلى بربه قبل ان يصب جام غضبه على من بالخارج وكأن الامر بيدهم لا بيده جل وعلا ام كم من مريض يأن على فراشه تراوده فكرة الدعاء او التهجد قبل ان يلجئ الى (دكتور) او مضمد او ما شابه ذلك، كل تلك اسئة تحتاج الى جواب بيننا وبين الله قبل ان توجهوا لي اشكالا مفاده ان كلامك هذا ومقالتك هذه: هي عبارة عن فلسفة فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع، فان على العبد ان يسعى لا ان يتهجد.. او بالعامية: العبادة والدعاء والتهجد ما يوكل خبز..
فاقول: ان اعظم السعي هو الركون الى الله والثقة به واليقين بانه هو الرازق والمشافي والمفرج عن كل الهموم والكروب، وان اي سعي مادي وجسدي يخلو من تلكم القناعات فهو (استهانة) به تعالى علوا كبيرا وقد يكون من الشرك الخفي او الجلي فيما اذا اوكل العمل لنفسه لا الى مسبب الاسباب ولذا فان قائدكم وعلى سبيل المثال لا يقبل ان يوكل النصر او النجاح له، بل يركز دائما ان المسبب هو الله سبحانه وتعالى وان ما حدث من انتصار على المحتل واليوم على الدواعش انما هو له جل جلاله، وان ما قدمه الحشد الشعبي من جهود مباركة وحثيثة انما جاءت بتوفيق الله ورعايته والحذر كل الحذر من الركون الى الظالم الذي جربناه سابقا فسقطت ثلاث محافظات والمجرب لا يجرب اللهم لا تسلطه على رقاب المجاهدين والمؤمنين بحق محمد واله الطيبين الطاهرين