رب الاسرة يريد من افرادها الطاعة واذا عصوا يغضب، ورب العمل كذلك ورئيس البلد والمرجع كذلك، وكل يعمل على ذلك غالبا.. بل انه لو فرض ان شخصا قام بتصنيع (روبورت) وجعل له برنامجا خاصا وبرمجه على ذلك ومن ثم خُرِق هذا النظام وصار الانسان الالي يعمل خارج هذه البرمجة سيكون مذموما بل ولعله سيرمى به في خانه العطلات وما الى ذلك
وكل من ذكرنا لم يمنوا على من يريدون منهم الطاعة والانقياد بالخلق بل هم بمرتبة واحدة من هذه الناحية حتى صانع الروبورت الجامد الخالي من الروح والحركة الذاتية.. وعلى الرغم من ذلك فالاغلب حينما يصدرون امرا او طلبا او قرارا يريدون التنفيذ وبلا نقاش ومن دون السؤال والتحليل والاقناع، بل اذا سأل الابن اباه او المقلد مرجعه او المقود قائده او الموظف مسؤوله قد يتعرض للعقوبة او الاستهجان او غير ذلك
اما (الله) سبحانه وتعالى، فحينما يأمرنا فالاعم الاغلب لا يأبه لاوامره ومنهم من يحاول التفلسف والقيام بالنقاشات ومحاولة التعليل عن عصيانه او ان الله يرحم والعبد اذا عصي لا يرحم وما الى غير ذلك
فهل يا ترى وصلت بنا النوبة ان نعصي الرحيم ونطيع العاصي المتجبر، اوصل الحال بنا ان نعصي الخالق ونطيع المخلوقين، ام هل وصلنا الى درجة لا نخاف الله ولا نتقيه وصرنا نخاف من المسؤولين
وهنا يمكن ان اتخيل انه لو جعل الله (بنوكا) و (مصارف) لتوزيع الاموال على المطيعين ومؤسسات للاعتناء بهم وتوظيفهم لطاع الكثير من اهل المعصية، فاغلبنا يريد من الطاعة مقابلا، وقد اغفلوا ان الطاعة التي تأتي بلا مقابل هي اعلى واجل وارقى بملايين الدرجات من طاعة تأتي لاجل مقابل ما ايا كان
نعم الانسان اغلبه مادي، الا ان اكثر ركائزه وما ميزه عن العجماوات هي امور معنوية وهي
١- العقل
٢- النفس
٣- الروح
٤- الحواس والفؤاد
وغيرها... فانك ان اردت قسطا وافيا من الدنيا لان جهتك المادية التي لها عليك حق.. فالامور المعنوية المغروزة فيك ايضا لها عليك حق، فلابد من الاعتناء بالامور المعنوية والالتفات اليها والا كنا كالغرب الذي فقد الامور المعنوية على الرغم من تمسكه ببعض القواعد الانسانية ولو كالحبر على الورق
فيا ايها الانسان لا يغرنك في الله الغرور ولا تغتر بنفسك، فانت الزائل وهو الدائم وانت المخلوق وهو الخالق وان ارضيته ارضاك وان عصيته قد يعاملك برحمته وقد يعاملك بعدله ولكن لن يعاملك كالمطيع
افترضى ان يعاملك ابوك وانت الابن المطيع كاخيك العاصي ام هل تقتنع بان يعاملك مسؤولك بالتساوي مع الموظف الخامل وانت النشط الفعال!!!... ان لم ترض منهم ذلك فلا تتوقعها منه جل جلاله ذلك
وان حدث منه جل جلاله فهذا لا يعني ان تعطي لنفسك الفرصة والقناعة بالمعصية لا في السر ولا في العلن فهو يراك وان كنت لا تراه
ولا اريد هنا ان اقول لك كن كالميت بيد الغسال فهذه مرتبة عالية بل اقول كن كالمخلوق الحي بين يدي خالقه ومن وهبه الحياة، سواء علمت ما ورائيات اوامره واحكامه واسرارها ام جهلتها، فهو اعلم بها منك، كما انت اعلم بعطلات الروبورت منه، فهل رايت انسانا اليا يقوم بتطوير نفسه بنفسه دون ان يقوم بذلك مبرمجه وصانعه!؟..
فاترك الخلق للخالق واترك الامر للامر واترك التدبير للمدبر ولا تفكر لها مدبر، ولا تعترض فلها متحكم ولها مبرمج ومتقن.. فيا من لم ترض بقضائي اخرج من ارضي وسمائي
فاوصيكم ونفسي ب(الطاعة) حتى قيام (الساعة)