في الحُسينيّة النجفيّة في مدينة قم الإيرانيّة عام 1995م التقيته، كان شابّاً كويتيّاَ مُهاجراً، منذ أن غزى صدام الكويت، سألته بفضول: كيف هي أحوال المسلمين الشيعة في ظل حكومة الشيخ جابر الأحمد الصباح؟
تنهّد الشاب وهو يقول: الكويت حُسينيّة يا شيخنا، فقبل عِدّة سنين كتب جماعة من الوهابيّة للشيخ سعد العبد الله الصباح طلباً بغلق الحُسينيات ـ وكان وليّاً للعهد ـ فأصدر أمراً بإغلاق الحُسينيات في الكويت، فكتب المسلمون الشيعة رسالة للشيخ جابر الأحمد الصباح يُخبرونه بأمر ولي عهده، وكان حينها في لندن يُعالج من وعكة صحيّة ألمت به، فكتب من المستشفى التي يرقد فيها رسالة قصيرة جاء فيها:
(كان الحُسين في الكويت قبل آل الصباح وسيمضي آل الصباح ويبقى الحُسين)
هذه القصّة تذكرتها وأنا أقرأ على النت خبر سفر السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) إلى دولة الكويت الشقيقة، وكم تمنّيت لو أن وفداً من الحوزة العلميّة في النجف الأشرف رافق سماحته لزيارة ذوي الضحايا وأقاربهم وأصحابهم ليمسحوا على جراحاتهم المكلومة ويُهوّنوا المصاب عليهم، ويخبرونهم أن العراق وشعبه ومرجعيته مع الكويت وشعبها ضد الإرهاب.
يُخبرونهم أن الإرهاب لا دين له وإن تمسح بالولاء للصحابة، وادعى محبّتهم، فمن يقتل المسلمين في مساجدهم في شهر الله الحرام، وهم ركوعاً لربهم ليس من أمة نبي الرحمة (ص) ذلك النبي الذي كان يقول: لو أن إنساناً قتل عصفوراً ولم ينتفع بلحمه لوقف ذلك العصفور بين يدي الله سبحانه وتعالى وهو مُخضبٌ بدمه وقال يا رب أحكم بيني وبين عبدك فلان فهو قتلي ولم ينتفع بلحمي، ولم يتركني آكل من رزقك..!!
كم تمنّيت لو أنهم هتفوا في الكويت: وا إســــــلاماه
لتصبح نكبت الكويت خطوة في الطريق إلى توحيد الصف الإسلامي ضد الإرهاب الداعشي.
لكن البعض وبدلاً من أن يُحيّوا ابن الصدر (أعزه الله) على هذه الخطوة الإنسانيّة النبيلة راحوا يشنعون ويُطبلون ويزمرون بدعوى أنه ترك الشهداء في العراق وراح للكويت..!!
وأنا واثق لو أنه فعل ما فعله ياسر الخبيث من التهييج والتثوير ودق طبول الحرب الطائفية، لو أنه رفع شعاراتهم الموبوءة لغضوا الطرف حتى عن المنكرات ـ حاشاه من اقترافها ـ ولكن لأنه يُنادي بوحدة الصف الإسلامي، ويُطالبهم بالوقوف تحت راية الإسلام العزيز ينصبون له العداء، وهذا هو قدر القادة المصلحين.
ولكن أقول له: بوركت يا ابن الصدر فقد فُزت بها وكسبت أجرها العظيم، ولو أن رحلتك هذه أثمرت عن حقن دم مسلمٍ واحد فيكفيك ذلك قرباً من الله سبحانه وتعالى:
(ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) المائدة 32.