9 محرم الحرام
محاصرة خيام أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) :
في هذا اليوم ( 9 محرم الحرام ) سنة (61 هــ) , كان اتمام محاصرة خيام أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) .
روي عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) قال : تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ( رضي الله عنهم ) بكربلاء , واجتمع عليه خيل أهل الشام ... وفرح ابن مرجانه وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها , وأيقنوا أن لا يأتي الحسين ( عليه السلام ) ناصر , ولا يمده أهل العراق _ بأبي المستضعف الغريب _ ..
كتاب الأمان لأولاد أم البنين ( عليهم السلام ) :
في هذا اليوم ( 9 محرم الحرام ) جاء شمر بن ذي الجوشن حتى وقف على أصحاب الحسين ( عليه السلام ) فقال : أين بنو أختنا ؟ فخرج اليه العباس وجعفر وعبد الله وعثمان أولاد أم البنين بنو علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) فقالوا : ما تريد ؟ فقال : انتم يا بني أختي امنون , فقالت له الفتية : لعنك الله ولعن أمانك , أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له ؟!
زحف عسكر ابن سعد نحو الخيام , وطلب الحسين ( عليه السلام ) تأخير الحرب :
وفيه نادى عمر بن سعد : يا خيل الله اركبي , وابشري , فركب الناس , ثم زحف نحوهم بعد العصر وحسين ( عليه السلام ) جالس أمام بيته محتبيا سيفه , اذ خفق برأسه على ركبتيه , وسمعت أخته الصيحة فدنت من أخيها فقالت : يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت ؟ فرفع الحسين رأسه فقال : اني رأيت رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) الساعة في المنام فقال لي : (( انك تروح الينا )) فلطمت اخته وجهها ونادت بالويل , فقال لها : ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الله .
ثم قال : يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم وتقول لهم : ما بدا لكم وما تريدون ؟ قالوا : جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ,...فانصرف العباس راجعاً يركض الى الحسين ( عليه السلام ) ليخبره الخبر ...فأخبره بما قال القوم , فقال : ارجع اليهم , فان استطعت أن تؤخرهم الى الغدوة , وتوقفهم عنا العشية , لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره , فهو يعلم أني أحب الصلاة وتلاوة كتابه ...
فمضى العباس الى القوم , ورجع من عندهم ومعه رسول ابن سعد يقول : انا قد أجلناكم الى غد , فان استسلمتم سرحناكم الى أميرنا عبيد الله بن زياد , وان أبيتم فلسنا بتاركيكم , وانصرف .
خطاب الامام الحسين ( عليه السلام ) :
في عصر هذا اليوم ( 9 محرم الحرام ) خطب سيد الشهداء ( عليه السلام ) أصحابه قائلا :
(( أما بعد فاني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي , ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي , فجزاكم الله عني خيراً , ألا واني لأظن أنه اخر يوم لنا مع هؤلاء , ألا واني قد أذنت لكم , فانطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم مني ذمام , هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً .
فقالت له أخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر : لم نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟! لا أرانا الله ذلك أبداً...))
وتكلم أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً ...فمنه قول مسلم بن عوسجة قام اليه فقال : (( أنخلي عنك ولما نعذر الى الله سبحانه في أداء حقك ؟ أما والله حتى أطعن في صدورهم برمحي , وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ....ولو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أحيا ثم أذرى , يفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك...)).
وقام اليه زهير بن القين البجلي _ رحمة الله عليه _ فقال : (( لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل هكذا ألف مرة وأن الله تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك ...)).
ليلة عاشوراء
كلام زينب بنت علي ( عليه السلام ) مع أخيها الحسين ( عليه السلام ) :
عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال : اني لجالس مع أبي في تلك الليلة وأنا عليل , وهو يعالج سيفاً له وبين يديه جون مولى أبي ذر الغفاري , اذ ارتجز الحسين ( عليه السلام ) :
يا دهر أف لك من خليـــــــــل كم لك بالإشراق والأصيل
من صاحب وماجد قتيـــــــــل والــــــدهر لا يقنع بالبديل
وانما الأمر الى الجليـــــــــــل وكــــل حي سالك سبيلي
قال : أما أنا فسمعته فخفقتني العبرة ..., وأما عمتي فلما سمعت ما سمعت وهي امرأة ومن شأن النساء الرقة والجزع فلزمتها الرقة والجزع ...,وخرجت تنادي : واثكلاه , ليت الموت أعدمني الحياة , اليوم مات جدي رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) , وأمي فاطمة الزهراء , وأبي علي , وأخي الحسن , يا خليفة الماضين وثمال الباقين .
فقال لها الحسين ( عليه السلام ) : (( يا أختاه لا يذهبن بحلمك الشيطان.... ثم قال : هيهات هيهات لو ترك القطا ليلاً لنام )), قالت : يا ويلتاه أفتغتصب نفسك اغتصاباً , فذاك اقرح لقلبي وأشد على نفسي .., وخرت مغشياً عليها
احياء الامام الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه هذه الليلة بالعبادة :
في هذه الليلة ليلة (10 محرم الحرام ) بات الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ( رضي الله عنهم ) ولهم دوي كدوي النحل , ما بين راكع وساجد , وقائم وقاعد...
فضل ليلة عاشوراء وزيارة الحسين ( عليه السلام )
قال ابن طاووس : اعلم أن هذه الليلة أحياها مولانا الحسين صلوات الله عليه وأصحابه بالصلوات والدعوات , وقد أحاط بهم زنادقة الاسلام ليستبيحوا منهم النفوس المعظمات , وينتهكوا منهم الحرمات , ويسبوا نسائهم المصونات , فينبغي لمن أدلاك هذه الليلة أن يكون مواسياً لبقايا اية المباهلة واية التطهير ...
قال : وأما فضل احياءها :
فقد رأينا في كتاب ( دستور المذكورين ) بإسناده عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( من أحيا عاشوراء فكأنما عبد الله عبادة جميع الملائكة , وأجر العامل فيها كأجر سبعين سنة ...)).
وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) فال: (( من بات عند قبر الحسين (عليه السلام ) ليلة عاشوراء لقى الله يوم القيامة ملطخاً بدمه , كأنما قتل معه في عرصة كربلاء )).
10 محرم الحرام
شهادة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) :
في هذا اليوم ( 10 محرم الحرام ) وهو يوم عاشوراء سنة ( 61 هــ) قتل فيه سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين ( عليه السلام ) مظلوماً عطشاناً, وقتل أصحابه وأهل بيته , واحتز رأسه الشريف ورؤوس جميع من قتل معه ووضعت على الرماح , وسلبت بنات الرسالة وحرم النبوة , وانتهبوا ما كان في رحله وخيامه ( عليه السلام ) ...
عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : (( أصيب الحسين بن علي ( عليه السلام ) , ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرون طعنه برمح , أو ضربة بسيف , أو رمية بسهم , فروي أنها كانت كلها في مقدمه ( عليه السلام ) لأنه ( عليه السلام ) كان لا يولي )).
وكان رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) قد أخبر بمقتله ( عليه السلام ) , وأن أحد الملائكة أتاه بالتربة التي يقتل فيها , وأنه ( صلى الله عليه واله وسلم ) أخبر أم سلمة بذلك ...
فعن أنس بن مالك قال : ان عظيماً من الملائكة استأذن ربه في زيارة النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) فأذن له , فبينما هو عنده اذ دخل عليه الحسين , فقبله النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) , وأجلسه في حجره , فقال الملك : أتحبه ؟ قال : أجل أشد الحب , انه ابني .قال : ان أمتك ستقتله , قال : أمتي تقتل ولدي ؟ قال : نعم , ان شئت أريتك التربة التي يقتل عليها , قال : نعم , فأراه تربة حمراء طيبة الريح , فقال : اذا صارت دماً عبيطاً فهو علامة قتل ابنك هذا .
قال سالم بن أبي الجعد : اخبرت أن الملك كان ميكائيل ( عليه السلام ) .
وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) في بيت أم سلمة , فقال لها : لا يدخل عليه أحد , فجاءه الحسين ( عليه السلام ) وهو طفل .. حتى دخل على النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) فدخلت أم سلمه على أثره , فاذا الحسين ( عليه السلام ) على صدره , واذا النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يبكي واذا في يده شيء يقلبه , فقال النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) : يا أم سلمة , ان هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول , وهذه التربة التي يقتل عليها , فضعيها عندك , فاذا صارت دماً فقد قتل حبيبي ...
وعن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن ابائه ( عليهم السلام ) عن أم سلمة ( رضي الله عنها ) أنها أصبحت يوماً تبكي , فقيل لها : ما لك ؟ فقالت : لقد قتل ابني الحسين ( عليه السلام ) وما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) منذ مات الا الليلة , فقلت : بأبي أنت وأمي , مالي أراك شاحباً ! فقال : لم أزل الليلة أحفر قبر الحسين وقبور أصحابه .
ما ظهر بعد مقتله ( عليه السلام ) من المعاجز :
حدث خلف بن خليفة عن أبيه قال : لما قتل الحسين اسودت السماء, وظهرت الكواكب نهاراً حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر .
وعن علي بن مسهر , عن جدته : لما قتل الحسين كنت جارية شابة , فمكثت السماء بضعة ايام بلياليهن كأنها علقة .
وقال مسلم بن ابراهيم : حدثتنا أم شوق العبدية قالت : حدثتني نضرة العبدية , قالت : لما أن قتل الحسين بن علي مطرت السماء دماً , فأصبحت وكل شيء ملان دماً .
وعن أم سليم قالت : لما قتل الحسين مطرت السماء كالدم , احمرت منه البيوت والحيطان .
وعن عمار بن أبي عمار , قال : أمطرت السماء يوم قتل الحسين ( عليه السلام ) دماً عبيطاً .