المكتب الخاص / النجف الاشرف
عندما تمتد انامل الفكر ، لتتصفح اوراق المواقف ، وتقطع مسافات السطور ، وتتقلب ما بينها ، وتتعثر بمطبات الضجيج ، بحثاً عن الحقيقة. عندما يفنى العمر ، غائصا في وحل اللهفة ، ملتمساً سبل الوضوح ، في البحور العميقة ، يكاد العناء يطرق هامة الهمم ، ويختفي ذلك الوهج ، الذي لا تقوى عليه النفس ، فيلتف حول تلك الانامل ، شراك الياس.
جرت العقول في وديان البحث ، استوقفتها محطات التأمل ، وجعجعت بها المنعطفات التاريخية ، لتلوح في افقها تلك الوقفات ، شموس لن يكتب لها الغياب ، وانهار تجري من قمم الخلود ، وصور لا تعرف النسيان ، ومواقف تتعلق بالوجدان، تعلو فوق مستوى الثناء ، عجزت عن شرحها اكوام المجلدات ، واطنان الكتب ، يكفي ان يوصفها، نور الله المقذوف في القلب ، ووحي الضمير ذو النبع الحي.
باقر الصدر دماء تشرق ، وصفاء يصوغ الحياة ، وصبر يعانق الزمن ، هديره ارادة احرار ، لا تعرف المستحيل ، باقر الصدر شعار الثورة ، وهبة الشجعان، ودرع التحدي، دماء تجري كنهر كوثري ، سمتها البقاء ، نهر ملائكي بريقه حسيني ، على ضفافه تنبت الكرامة ، سما المجد فوق ضفافه باسقا ، كنخيل الوطن ، يناغي صوت الحضارة ، يحاكي سنين المحن ،
باقر الجرح لم يندمل ، يصرخ في ايامنا ألما ، في ليله تصرخ الدموع على ثراه ، وفي نهاره يعيش السقم ، وعلى رمال الوطن ارتسم الحزن وخط الوداع ، وتعانق ليلنا الفراق ، والسواد صار لون العراق ، ادمى الظلام وجه النهار ، وتمزق رداء الصبر ، نبتت الامنا في الارض ، حتى تجذرت فأزهرت قوافل من دمعنا ودمائنا ، جيل بكى وجيل ينحب ، وجيل تعلقت اشلائه على جدراننا.
باقر الصدر وصيحة الصبر ، ونداء الهدى من اخته ، يافجر الثورة ونورها الابهى ، اذّن الصدق في وقته ، في حب الوطن توضأ الفناء ، وبصوت الصبر كبر محرابه ، ومن قبة الوصي صدح النداء ، ومن منبر علي اجاب الكفن ، والجمعة صدحت من طبرته ، والاصلاح صلى والشعب في محرابه ، والصدر مقتدى راية نهضته.