المكتب الخاص / النجف الاشرف
بين الصمت والصخب ، شوق في حشاشة القلب يتأجج ، وعيون الصبر معتبرة ، وفي رمضاء اليأس مع الاحلام نتوسد ، والريح هبت على اوراق الشوق الملونة بالمأساة ، ومن فرط الجفاء مبعثرة ، تقتادها اسيرة في عراء البغض تتناثر حروفها في الدروب الوعرة ، تجول بها في عالم اللامكان ، وتمنيها بالأماني الزائفة في اللازمان، آمالنا لم تزل رهينة الطلق، والولادة معسرة.
كتبنا القصة وحروفها الجمر، مع الدموع منهمرة ، تتلوى على طرقات البؤس، عند محطات الصبر، والقرون المغبرة، جروحنا لا تعرف البرء، وبالآلام دوما مستعرة، غربتنا لا تدري ما الوطن ، غربتنا سبية بين الاعداء متحيرة، لا ندري ما الصبح ، والليل يمضغ افلاكنا، حتى الافلاك لليل مجيّرة، كتبنا القصة وهجرة الوفاء وعملة الاخلاص المزورة، كتبنا النقاء وافوله ، في ذروة الضياع تُركنا في صحارى النفوس المقفرة.
في ليلة السؤدد ، يسبح النجم ، والقمر يتهجد ، والسماء تحج لطيبة ، بإحرام السلام ، وخطى الحب والوئام ، والسعي من الكوثر الى المسجد ، بأفواج النور تطوف النجوم ، وتهوي شوقا من العلا ، لحجر النبي الامجد ، ومضى الليل يرتل المودة، موصلا فجره بخيط القربى المعتمد، ليلة توضأت بكرم المجتبى ، وصلّت على حلمه صلاة الحق المؤبد ، ورفعت ذراعها تضرعا ، لينكشف دون السواد بياض الحق المخلد، ليلة حملت لواء الولاء لهيجائها ، وفي اليمين ثبت القمر، والشمس في الشمال ترتجز، عنفوان نورها السرمد، وفي قلب العصمة اعتلت ، صهوة الايمان بعزم لا يتردد.
نهر اليقين نثر العذوبة عبر السنين، فارتوت منه الارواح الظامئة ، وتشتاقه نفوس المؤمنين، نهر أزلي، تحفه الملائكة المقربون، نهر علوي على ضفافه أكف، نثرت خواطر واشعارا، وارتشف من رحيقه الليل والنهار، وفاح منه شذى الرياحين والازهار، ومن شدة العشق تدلت عليه اغصان الاشجار ، واحتضنت امواجه ، وارتمت في حجره اوراق الانتظار، وارتسمت على شفاهه ورود الجنة ، وشعشع من جبهته نور اليقين، وامتد شعاعه من ساق العرش ليعانق قلوب المؤمنين، نهر كوثري، يجري في عروقه حب الزهراء، وتلألأ من جبينه ألق الفداء والايثار.