المكتب الخاص / النجف الاشرف
الأثنين الأول من شهر رمضان 1435
الموافق 30/6/2014
يعود بعد طول انتظار، بوجهه الحالم، يشع من جبينه نور الايمان، ترتسم على شفاهه الذابلة، بسمة الرحمة والرضوان، بسمة ودّ تبرّد جمرة الصبر، وترحيب حار بحروف طعمها الذكر، يفوح منها عطر الورد والريحان. شهر رمضان الخير، هودج على ناقة الزمن، تحف به الشهور، تغبطه الازمنة، شامخ في بلاط الايام، ومن ثغره الجميل، بزغ هلال التوبة، ليزيّن خد السماء، فازدانت به دنيا الوجود، كأنه الميزان، هلال بسيماء الهيبة، انحنت له باقي الازمان، و له عين ذات نظرة ساحرة، خطفت انظار التائبين، ليشغف قلوبهم حبا، فرجعت الانفس لتنوخ برحبة الحق، وتسارعت الايدي لتطرق ابواب السماء، وهرعت العيون لتقدم قرابين الدموع، ومن بين الأيادي والدموع، وتحت جنح الرهبة والخشوع، ارتفع صوت شجي، يردد نشيد الرجاء، وانطلقت لهفة الشوق الجامحة، في ساعة الاسحار، لحنها انين الاتقياء، تتعثر بعبراتها، تنبعث من صدور المتأوهين، شهر عظيم كأنه صنعة لبوس تقي العذاب والنيران، حيكت بخيوط من الصبر، بأنامل الارادة، شهر ستطيب فيه قلوب المحبين، وتجتمع في رحبة السلام، وتلتقي النفوس المطمئنة، بميقات السحر، على اجنحة الايمان، ديدنها المساواة، تؤسس حضارة البر، تؤرخ قيم السلام والاسلام، سيبعث الامل من خيطه الابيض، ومن ضحاه سينضح عرق التصبر، ليغسل الذنوب، وعند الزوال ستزول الخطايا، منصهرة من حرارة وقودها الصبر، وفي الغروب ستطوى صفحة عظيمة، من صفحات النجاح والاختبار، وسيُسدل الستار، على حقبة رائعة، لحياة ملؤها العفاف، وستخط احداث ذلك اليوم، بحروف من رحيق الطهارة، مكنوزة في لوحة العفاف.
شهر كانه مائدة، تدلّت من السماء، تحملها الملائكة ، تجود بالعطاء، شهر له اكف كريمة اناملها الخير يمسح على رؤوس الايتام، يرويهم من رحيق العطف، ويسكب على الفقراء، زخات رحمته، انه الشهر الفضيل، توج ملكا من قبل السماء، وسيدا على باقي الشهور، ثم بنى عرشه من صلابة الطاعة، مرتكزا على مساحات الصبر، ملك تاجه ليلة القدر، مرصع بلحظاته القدسية، بريقها السلام حتى مطلع الفجر.
شهر مبارك، يجري كنهر العطاء، ينهل منه المذنبون، لتدب الحياة في عروقهم من جديد، ويهب السؤدد والوئام، يروي ضمأ النفوس، لتتورد منها اغصان الامل، ويهدّم معاقل اليأس والقنوط، ويطيح بمتاريس الخطايا، بوابل القناعة والاستغفار، ويثب كالليث على الذنوب، متوكلا على الله جل وعلا، بدرع التوبة وسلاح الاستغفار، ثم يبني صروح الانسان، عالية شماء، ترفرف فوقها، رايات التحرر من النفس والهوى، ويكبّل الشيطان، ويسقط سلطته، بثورة الصوم من الآثام، انه شهر رمضان، شهر الخير والرحمة والغفران.
نهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك اعاده الله على الأمة الإسلامية جمعاء باليمن والبركة والخير والرضوان.